«وأما عبارة الشيخ: التي لبسوا بها عليك، فهي أغلظ من هذا كله، ولو نقول بها لكفرنا كثيرًا من المشاهير بأعيانهم، فإنه صرح فيها بأن المعين لا يكفر، إلا إذا قامت عليه الحجة.
فإن كان المعين لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة، فمن المعلوم أن قيامها ليس معناه: أن يفهم كلام الله ورسوله مثل فهم أبي بكر رضي الله عنه، بل إذا بلغه كلام الله ورسوله، وخلا من شيء يعذر به فهو كافر، كما كان الكفار كلهم تقوم عليه الحجة بالقرآن، مع قول الله:{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}[الأنعام: ٢٥]، وقوله:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ}[الأنفال: ٢٢].
وإذا كان كلام الشيخ، ليس في الشرك والردة، بل في المسائل الجزئيات، سواء كان من الأصول أو الفروع، ومعلوم أنهم يذكرون في كتبهم، في مسائل الصفات أو مسألة القرآن أو مسألة الاستواء أو غير ذلك: مذهب السلف، ويذكرون أنه الذي أمر الله به ورسوله والذي درج عليه هو وأصحابه، ثم يذكرون مذهب الأشعري أو غيره، ويرجحونه، ويسبون
من خالفه.
فلو قدرنا أنَّها لم تقم الحجة على غالبهم، قامت على هذا المعين الذي يحكي المذهبين، مذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه، ثم يحكي مذهب