للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنهم كانوا قد تلقوا عن آبائهم عبادة الأوثان، وأشربته قلوبهم.

فلما دعاهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى خلع ذلك من قلوبهم، وإفراد الإله بالوحدانية أعظموا ذلك، وتجبروا وقالوا: {أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ} [ص: ٥، ٦]، وهم سادتهم وقادتهم ورؤساؤهم وكبراؤهم قائلين: {امْشُوا} أي: استمروا على دينكم {وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ}، ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد من التوحيد.

وقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} قال ابن جرير: إن هذا الذي يدعونا إليه محمد - صلى الله عليه وسلم - من التوحيد لشيء يريد به الشرف عليكم، والاستعلاء، وأن يكون له منكم أتباع ولسنا نجيبه إليه» (١).

فإذا عرفت هذا فأصغ سمعك لمجدد الدين في وقته، الإمام محمد بن عبد الوهاب، الذي اشتدت، وسوف تشتد محنته من أعداء الدين، ومن المشركين وأئمة الإرجاء الخبيث، اسمعه وهو يقرر علم المشركين، بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف بأصحابه الكرام، ثم انتهى إلى أنه لا خير في رجل جهال المشركين أعلم منه بـ (لا إله إلا الله)، قال رحمه الله تعالى: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتلهم ليكون الدين كله لله، والذبح كله لله، والنذر كله لله، والاستغاثة كلها لله، وجميع

أنواع العبادة كلها لله، وعرفت أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم


(١) تفسير القرآن العظيم (٧/ ٥٣).

<<  <   >  >>