يتعزى بما قاساه قبله الموحدون، وما لقيه المؤمنون من أنواع البلاء، وما سعى لهم به أهل الشرك والضلال. وهذه سنة الله تعالى في عباده جارية في جميع الأزمان، يختبر بها المؤمنين ويمتحن بها الصابرين فقد قال تعالى:{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت: ١ - ٣].
ولم يزل الشيخ رحمه الله مقيمًا في العيينة: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعلم الناس دينهم، ويزيل ما قدر عليه من البدع ويقيم الحدود، ويأمر الوالي بإقامتها حتى جاءته امرأة من أهل العيينة زنت، فأقرت على نفسها بالزنا، وتكرر ذلك منها أربعًا فأعرض الشيخ عنها، ثم أقرت وعادت إلى الإقرار مرارًا؛ فسأل عن عقلها، فأخبر بتمامه وصحته، فأمهلها أيامًا، رجاء أن ترجع عن الإقرار إلى الإنكار، فلم تزل مستمرة على إقرارها بذلك، فأقرت أربع مرات في أيام متواليات، فأمر الشيخ رحمه الله والوالي برجمها لأنها محصنة: بأن تشد عليها ثيابها وترجم بالحجارة على الوجه المشروع، فخرج الوالي عثمان بن معمر وجماعة من المسلمين فرجموها حتى ماتت وكان أول من رجمها عثمان نفسه؛ فلما ماتت أمر الشيخ أن يغسلوها وأن تكفن ويصلى عليها.
فلما جرت هذه الحادثة كثرت أقاويل أهل البدع والضلال، وطارت قلوبهم خوفًا وفزعًا، وانخلعت ألبابهم رهبًا وجزعًا، وتطاولت ألسنة العلماء عليه ينكرون ما فعل مع أنه لم يعد الحكم بالمشروع بالسنة والإجماع.