وكان هدي السلف معهم متمثلاً في محاصرتهم لكبت شرهم، واستئصال بدعهم، حتى لا يشوشوا على العامة من المسلمين في أمور دينهم.
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: «في الرد على بعض أئمة أهل الكلام لما تكلموا في المتأخرين من أهل الحديث، وذموهم بقلة الفهم، وأنهم لا يفهمون معاني الحديث، ولا يميزون بين صحيحه من ضعيفه، ويفتخرون عليهم بحذقهم، ودقة علومهم فيها، فقال رحمه الله تعالى: لا ريب أن هذا موجود في بعضهم، يحتجون بأحاديث موضوعة في مسائل الفروع والأصول، وآثار مفتعلة، وحكايات غير صحيحة، ويذكرون من القرآن والحديث ما لا يفهمون معناه، وقد رأيت من هذا عجائب.
لكنهم بالنسبة إلى غيرهم في ذلك كالمسلمين بالنسبة إلى بقية الملل. فكل شر في بعض المسلمين فهو في غيرهم أكثر؛ ولك كل خير يكون في غيرهم فهو فيهم أعظم، وهكذا أهل الحديث بالنسبة إلى غيرهم.
وبإزاء تكلم أولئك بأحاديث لا يفهمون معناها، تكلف هؤلاء من القول بغير علم ما هو أعظم من ذلك وأكثر، وما أحسن قول الإمام أحمد: ضعيف الحديث خير من الرأي.
وقد أمر الشريخ أبو عمرو بن الصلاح بانتزاعه مدرسة معروفة من أبي الحسن الآمدي، وقال: أخذها منه أفضل من أخذ عكا.
مع أن الآمدي لم يكن في وقته أكثر تبحرًا في الفنون الكلامية والفلسفية