الأعلام ممن جملهم الله تعالى بالتقوى والمعرفة والهداية.
وقد بقي الشيخ بيده الحل والعقد والأخذ والإعطاء، والتقديم والتأخير، ولا يركب جيش ولا يصدر رأي من محمد بن سعود ولا من ابنه عبد العزيز إلا عن قوله ورأيه فلما فتح الله الرياض واتسعت ناحية الإسلام، وأمنت السبل، وانقاد كل صعب من باد وحاضر، جعل الشيخ الأمر بيد عبد العزيز بن محمد بن سعود وفوض أمور المسلمين وبيت المال إليه، وانسلخ منها، ولزم العبادة وتعليم العلم، ولكن عبد العزيز لم يكن يقطع أمرًا دونه ولا ينفذه إلا بإذنه.
وكان رحمه الله يحيي غالب الليل قائمًا؛ يصلي ويتهجد ويقرأ القرآن، وكان من دأبه التأني والتثبت في تنفيذ الأحكام، لا يميله الهوى عن الشرع، ولا تصده عداوة عن الحق، بل يحكم بما ترجح له وجه الصواب فيه، فإن وجد نصًا في كتاب الله أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - التزمه ولم يعدل عنه، وإلا رجع إلى كتب الأئمة الأربعة، وأخذ نفسه بدقة المراجعة والتحقيق للنص، وشدة البحث والكشف والتنقيب.
ومع ما أفاض الله على بيت المال من الأموال التي كانت تجبى، فقد كان رحمه الله زاهدًا متعففًا، لا يأكل من ذلك المال إلا بالمعروف؛ وكان سمحًا جوادًا لا يرد سائلاً، فلم يخلف -رحمه الله- شيئًا من المال يوزع بين ورثته، بل كان عليه دين كثير، أوفاه الله عنه.
وقد اختاره الله تعالى إلى جواره في يوم الاثنين آخر شهر شوال سنة ست بعد المائتين والألف، وله من العمر نحو اثنتين وتسعين عامًا، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة، وأدخله جناته، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، كفاء