عمله وأعمال الجوارح، لأن الإيمان عندهم هو التصديق.
وأما أهل السنة والأثر: فالإيمان عندهم قول وعمل واعتقاد، والكفر يقع بالقول وإن تعرى عن الاعتقاد، وبالفعل وإن تجرد عن الاعتقاد، وبالاعتقاد ولو لم يصاحبه قول أو عمل.
والآيات تنص على أن من كفر بالله من بعد إيمانه يكون كافرًا إلا أن يكون مكرهًا على فعل الكفر في الظاهر، وقلبه يكون مطمئنًا بالإيمان في الباطن.
فدل ذلك على أن من فعل الكفر بسبب الخوف، أو الطمع، أو مداراة لأهله، أو مشحة بوطنه، أو فعله على وجه المزح واللعب .. دل ذلك على أنه يكون كافرًا مرتدًا عن الملة، ولو لم يتغير اعتقاده بصحة دين الإسلام، وببطلان كل ما دونه من الأديان.
وفي هذا أبين الدلالة على فساد مذهب المرجئة الخبيثة من وجهين:
الوجه الأول: أن الكفر عندهم لا يقع إلا بتغيير الاعتقاد، والإكراه على ذلك لا يملكه أي واحد من البشر كائنًا من كان.
فالإكراه لا يتصور وقوعه إلا على الأقوال أو الأفعال، فدل ذلك على أن العبد إذا قال الكفر أو فعله - دون اعتقاد له - يكفر إلا أن يكون مكرهًا، وقلبه مطمئن بالإيمان.
الوجه الثاني: تعليل الله لكفر المرتدين عن الإيمان أنه بسبب حبهم للحياة الدنيا، وإيثارها على الآخرة.