ومن أعظم ما يحل الإشكال في مسألة التكفير والقتال، عمن قصد اتباع الحق: إجماع الصحابة على قتل مانعي الزكاة، وإدخالهم في أهل الردة، وسبي ذراريهم، وفعلهم فيهم ما صح عنهم، وهو أول قتال وقع في الإسلام على من ادعى أنه من المسلمين.
فهذه أول وقعة وقعت في الإسلام على هذا النوع؛ أعني المدعين للإسلام، وهي أوضح الوقعات، التي وقعت من العلماء عليهم من عصر الصحابة رضي الله عنهم إلى وقتنا هذا.
وقال الإمام أبو الوفاء بن عقيل: «لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرك إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، وهم عندي كفار بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا وكذا، وإلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى انتهى كلامه.
والمراد منه قوله: وهم عندي كفار بهذه الأوضاع.
وقال أيضًا في كتاب الفنون: لقد عظم الله الحيوان لا سيما ابن آدم، حيث أباحه الشرك عند الإكراه، فمن قدم حرمة نفسك على حرمته حتى أباحك أن تتوقى عن نفسك بذكره بما لا ينبغي له سبحانه، لحقيق أن تعظم شعائره وتوقر أوامره وزواجره، وعصم عرضك