وكذلك عنده دلالات الكفر التي يمكن أن تجتمع مع التصديق نقيم بها حد الكفر على أصحابها في الظاهر، ثم إن كان مصدقًا في الباطن نجا يوم القيامة، وهذه بدعة فصل الظاهر عن الباطن، ولقد نصر هذا القول الإمام الأشعري، واستشرت هذه البدعة في الأمة في وقت ما، حتى غلبت على كثير من علماء وأمراء وعباد ودعاة وقضاة الأمة. ولقد قام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ببذل جهود مضنية للتصدي، وإبطال هذه البدعة الشنيعة، وصاح على أهلها، ونادى عليهم بالضلال. ولذلك فلن تجد أنقى من تراث هذا الإمام الفذ العبقري العملاق في تقرير مسائل الكفر والإيمان، ومن تبعه كتلميذه العلامة ابن قيم الجوزية، ومن تبنى منهجه بكل شمول وصدق وعدل وشفافية في تقرير مسائل الكفر والإيمان، مثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأحفاده -رحمهم الله تعالى- ولذلك تجد الحرص الشديد من إمام الدعوة بالاستشهاد الدائم المتواصل بنصوص الإمام العلامة ابن تيمية في كل كتبه ورسائله وفتاويه، وما تقدم ذكره هو حال الجهمية القدماء، يكفرون المعين في الظاهر دون الباطن. أما من ورثهم في هذه الأزمان، فيحكمون على فاعل الشرك الأكبر بالإسلام في الظاهر والباطن، ويقطعون بنجاته في الدنيا والآخرة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٥٥٧ وما بعدها).