للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما من أنكر ما عرف بالتواتر من الأخبار والسير والبلاد، التي لا يرجع إلى إبطال شريعة، ولا يفضي إلى إنكار قاعدة من الدين، كإنكار غزوة تبوك، أو مؤتة، أو وجود أبي بكر وعمر، أو قتل عثمان، أو خلافة علي رضي الله عنهم، مما علم بالنقل ضرورة، وليس في إنكار وجحد شريعة، فلا سبيل إلى تكفيره بجحد ذلك، وإنكار وقوع العلم له، إذ ليس في ذلك أكثر من المباهتة، كإنكار هشام وعباد وقعة الجمل، ومحاربة علي من خالفه.

فأما إن ضعف ذلك من أجل تهمة الناقلين، ووهم المسلمين أجمع، فنكفره بذلك لسريانه إلى إبطال الشريعة.

فأما من أنكر الإجماع المجرد، الذي ليس طريقه النقل المتواتر عن الشارع، فأكثر المتكلمين، ومن الفقهاء، والنظار في هذا الباب قالوا: بتكفير كل من خالف الإجماع الصحيح، الجامع لشروط الإجماع، المتفق عليه عمومًا، وحجتهم قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: ١١٥] الآية، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من خالف الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» (١) وحكوا الإجماع على تكفير من خالف الإجماع،


(١) سنن الترمذي (٢٨٦٣) وقال: حديث حسن صحيح غريب، ومسند أحمد (١٧١٣٢) وصححه ابن خزيمة (١٨٩٥)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢٥٩)، وقال حديث صحيح على شرط الشيخين، وقال الذهبي في التلخيص: على شرطهما، وقال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله ثقات، رجال الصحيح خلا علي ابن إسحاق، وهو ثقة / مجمع الزوائد (٩٠٩٤)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.

<<  <   >  >>