لكن الغفلة المحضة لا تكون إلا لمن لم تبلغه الرسالة، والكفر المعذب عليه لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة ...
فكل مكذب لما جاءت به الرسل فهو كافر، وليس كل كافر مكذبًا، بل قد يكون مرتابًا إن كان ناظرًا فيه، أو معرضًا عنه بعد أن لم يكن ناظرًا فيه، وقد يكون غافلاً عنه لم يتصوره بحال، لكن عقوبة هذا موقوفة على تبليغ المرسل إليه» (١).
فانظر -رحمني الله وإياك- إلى قول الإمام في أول النقل فإن حال الكافر لا تخول من أن يتصور الرسالة أو لا ثم قال: وأما الكفر المعذب عليه لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة، وقوله: العقوبة متوقفة على تبليغ المرسل إليه فأشار الإمام إلى وجود كفر ثابت قبل بلوغ الرسالة، وإلى وجود كفر آخر لا يثبت إلا بعد بلوغها، وهو الكفر المعذب عليه.
وقال -رحمه الله تعالى- منكرًا على من يقول: أن حسن التوحيد، وقبح الشرك، وإمكان المعاد لا يعلم بالعقل: «وكثير من هؤلاء يعتقدون أن في ذلك ما لا يجوز أن يعلم بالعقل: كالمعاد وحسن التوحيد، والعدل، والصدق، وقبح الشرك، والظلم والكذب.
والقرآن يبين: الأدلة العقلية الدالة على ذلك، وينكر على من لم يستدل