القول كفر، ولكن تكفير قائله لا يحكم به حتى يكون قد بلغه من العلم ما تقوم به عليه الحجة التي يكفر تاركها، ودلائل فساد هذا القول كثيرة في الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة وأئمتها ومشائخها، لا يحتاج إلى بسطها، بل قد علم بالاضطرار من دين الإسلام: أن الأمر والنهي ثابت في حق العباد إلى الموت.
وأما قول القائل: هل يصدر ذلك عمن في قلبه خضوع للنبي - صلى الله عليه وسلم -؟
فيقال: هذا لا يصدر عمن هو مقر بالنبوات مطلقًا، بل قائل ذلك كافر بجميع الأنبياء والمرسلين، لأنهم جميعًا أتوا بالأمر والنهي للعباد إلى حين الموت، بل لا يصدر هذا القول ممن في قلبه خضوع لله، وإقرار بأنه إله العالم، فإن هذا الإقرار يستلزم أن يكون الإنسان عبدًا لله خاضعًا له، ومن سوغ لإنسان أن يفعل ما يشاء من غير تعبد بعبادة الله، فقد أنكر أن يكون الله إلهه» (١).
انظر -رحمك الله- إلى هذه الفتوى، فإنه قرر في أولها: أنهم أكفر أهل الأرض، وأكفر من اليهود والنصارى، وأنهم أخبث من المشركين، ثم قام بنفي الكفر عنهم بعد ذلك لقلة العلم وغلبة الجهل، وهذا هو الكفر المعذب عليه، ثم أثبت بعد هذا أنهم كفار بجميع الكتب والرسل وكفار بإلهية الله، وهذا هو الكفر قبل الخبر وقيام الحجة.