فالجاهل فعله كفر، ولكن لا يحكم بكفره إلا بعد بلوغ الحجة إليه، فإذا قامت عليه الحجة ثم أصر على شركه فقد كفر، ولو كان يشهد: أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويصلي، ويزكي، ويؤمن بالأصول الستة.
وأما من مات وهو يفعل الشرك جهلاً لا عنادًا، فهذا نكل أمره إلى الله تعالى، ولا ينبغي الدعاء له، والترحم عليه، والاستغفار له، وذلك لأن كثيرًا من العلماء يقولون: من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، كما قال تعالى:{لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[الأنعام: ١٩]، فإذا بلغه القرآن، وأعرض عنه، ولم يبحث عن أوامره ونواهيه فقد استوجب العقاب، قال تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه: ١٢٤] وقال تعالى: {وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ}[طه: ٩٩ - ١٠١].
وأما المبحث الرابع: في تقسيم مواريث من مات على ذلك، وما حصل منهم من الإتلافات، وما وقع بينهم من القتل وغيره، ما حكمه؟
فالجواب: أن تقسيم المواريث التي قسمت في حال الشرك والجهل تقر على ما هي عليه، ولا ترد القسمة في الإسلام، ومن أسلم على شيء في يده قد ملكه في الجاهلية لم ينزع من يده في الإسلام، لأن الإسلام يجب ما قبله. وكذلك ما حصل بينهم من القتل والإتلافات، فالذي نفتي به أنه لا يطالب بشيء
من ذلك، وذلك لأن حال الناس قبل هذا الدين، أكثرهم حاله