للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

...............................................................

ــ

فأجاب: هذا السؤال صدر عن عدم التعقل لصورة الأمر، والمعنى المقصود من التوحيد والعمل به، لأنه لا يتصور أنه يعرف التوحيد ويعمل به، ولا يعادي المشركين، ومن لم يعادهم لا يقال له: عرف التوحيد وعمل به، والسؤال متناقض، وحسن السؤال مفتاح العلم.

وأظن مقصودك: من لم يظهر العداوة ولم يفارق، ومسألة إظهار العداوة، غير مسألة وجود العداوة، فالأول يعذر به مع العجز والخوف، لقوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: ٢٨]، والثاني لا بد منه لأنه يدخل في الكفر بالطاغوت، وبينه وبين حب الله ورسوله تلازم كلي، لا ينفك عنه المؤمن، فمن عصى الله بترك إظهار العداوة، فهو عاص لله.

فإذا كان أصل العداوة في قلبه، فله حكم أمثاله من العصاة، فإذا انضاف إلى ذلك ترك الهجرة، فله نصيب من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: ٩٧] لكنه لا يكفر، لأن الآية فيها الوعيد لا التكفير» (١).

وقال علامة الأمة، الإمام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- مبينًا أن الإيمان لا يصح إلا بالبراءة من الشرك، وأن أهل الملل متفقون على ذلك: «فإن أهل الملل متفقون على أن الرسل جميعهم نهوا عن عبادة الأصنام، وكفروا من يفعل ذلك، وأن المؤمن لا يكون مؤمنًا حتى يتبرأ من عبادة


(١) الدرر السنية (٨/ ٣٥٩).

<<  <   >  >>