للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...............................................................

ــ

اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: ٢٨].

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «نهى الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين، وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين ثم توعد على ذلك فقال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} أي: من يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله.

وقوله: {إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} أي: إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته، كما حكاه البخاري عن أبي الدرداء أنه قال: (إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا تلعنهم) (١).

وقال الثوري: قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما: إنما التقية باللسان، وكذا قال أبو العالية، وأبو الشعثاء، والضحاك، والربيع بن أنس، ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦]» (٢).

وقال الإمام البغوي مبينًا حد التقية، والمحاذير التي ينبغي عدم الوقوع فيها عند الاضطرار إليها: «قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} أي: موالاة الكفار في نقل الأخبار إليهم، وإظهارهم على عورة المسلمين. {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي


(١) ذكره البخاري معلقًا في صحيحه في كتاب الأدب، باب المداراة مع الناس.
(٢) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٣٠).

<<  <   >  >>