يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: ٢٨]، فهذه الآية الكريمة فيها بيان لكل الآيات القاضية بمنع موالاة الكفار مطلقًا وإيضاح، لأن محل ذلك في حالة الاختيار، وأما عند الخوف والتقية فيرخص في موالاتهم بقدر المداراة التي يكتفي بها شرهم، ويشترط في ذلك سلامة الباطن من تلك الموالاة.
ومن يأتي الأمور على اضطرار ... فليس كمثل آتيها اختيارًا
ويفهم من ظواهر هذه الأبيات: أن من تولى الكفار عمدًا اختيارًا، رغبة فيهم أنه كافر مثلهم» (١).
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى- في ذات المعنى السابق: «وهذا نهي من الله تعالى للمؤمنين عن موالاة الكافرين بالمحبة والنصرة، والاستعانة بهم على أمر من أمور المسلمين، وتوعد على ذلك فقال:{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} أي: فقد انقطع عن الله، وليس له في دين الله نصيب؛ لأن موالاة الكافرين لا تجتمع مع الإيمان، لأن الإيمان يأمر بموالاة الله وموالاة أوليائه المؤمنين المتعاونين على إقامة دين الله وجهاد أعدائه، قال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[التوبة: ٧١]، فمن والى الكافرين من دون المؤمنين، الذين يريدون أن يطفئوا نور الله ويفتنوا أولياءه خرج من حزب المؤمنين، وصار من حزب