الصريحة في كفر من والى المشركين خوف الدوائر، أو لأجل دنيا فانية، وبين -رحمه الله- ردة كل من وقع في هذا الأمر الشنيع، ولو لم يتغير اعتقاده في الباطن بصحة الإسلام وببطلان كل ما دونه من الأديان، قال الشيخ سليمان ابن عبد الله -رحمهما الله تعالى-: «بسم الله الرحمن الرحيم اعلم رحمك الله: أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفًا منهم، ومدارة لهم، ومداهنة لدفع شرهم، فإنه كافر مثلهم؛ وإن كان يكره دينهم ويبغضهم، ويحب الإسلام والمسلمين، هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك، فكيف إذا كان في دار منعة واستدعى بهم، ودخل في طاعتهم، وأظهر الموافقة على دينهم الباطل، وأعانهم عليه بالنصرة والمال ووالاهم، وقطع الموالاة بينه وبين المسلمين، وصار من جنود القباب والشرك وأهلها؛ بعدما كان من جنود الإخلاص والتوحيد وأهله.
فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر، من أشد الناس عداوة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يستثنى من ذلك إلا المكره، وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له: اكفر أو افعل كذا وإلا فعلنا بك وقتلناك، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم، فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان.
وقد أجمع العلماء: على أن من تكلم الكفر هازلاً أنه يكفر، فكيف بمن أظهر الكفر خوفًا وطمعًا في الدنيا، وأنا أذكر بعض الأدلة على ذلك بعون الله وتأييده.
الدليل الأول: قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، فأخبر تعالى أن اليهود والنصارى، وكذلك المشركين لا يرضون عن