للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...............................................................

ــ

وإذا كانت الردة عن أصل الدين أعظم من الكفر بأصل الدين، فالردة عن شرائعه أعظم من خروج الخارج الأصلي عن شرائعه، ولهذا كان كل مؤمن يعرف أحوال التتار، ويعلم أن المرتدين الذين فيهم من الفرس والعرب وغيرهم شر من الكفار الأصليين، من الترك ونحوهم.

وهم بعد أن تكلموا بالشهادتين، مع تركهم لكثير من شرائع الدين خير من المرتدين من الفرس والعرب وغيرهم.

وبهذا يتبين: أن من كان معهم، ممن كان مسلم الأصل هو شر من الترك، الذي كانوا كفارًا. فإن المسلم الأصلي إذا ارتد عن بعض شرائعه كان أسوأ حالاً ممن لم يدخل بعد في تلك الشرائع، مثل مانعي الزكاة وأمثالهم ممن قتلهم الصديق، وإن كان المرتد عن بعض الشرائع متفقهًا أو متصوفًا أو تاجرًا أو كاتبًا أو غير ذلك. فهؤلاء شر من الترك، الذين لم يدخلوا في تلك الشرائع، وأصروا على الإسلام.

ولهذا يجد المسلمون من ضرر هؤلاء على الدين ما لا يجدونه من ضرر أولئك، وينقادون للإسلام وشرائعه وطاعة الله ورسوله أعظم من انقياد هؤلاء، الذين ارتدوا عن بعض الدين، ونافقوا في بعضه، وإن تظاهروا بالانتساب إلى العلم والدين (١).


(١) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٤٢٦) وما بعدها.

<<  <   >  >>