فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاَتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [آل عمران: ١٦٦، ١٦٧]، فحكم القرآن بكفرهم ونفاقهم، وأنكر على المسلمين اختلافهم فيهم فرقتين، وكيف لا تجتمع كلمتهم على كفرهم وردتهم.
وهذا في حق من انخزل عن نصرة المسلمين لإضعافهم، فكيف بمن قاتل مع المشركين مختارًا ضد المسلمين، وكان حكم الكفر جاريًا عليه؟!!
فهؤلاء إن لم يكونوا كفارًا فلا نعلم كفارًا على وجه الأرض، وهؤلاء إن لم يكونوا مرتدين عن دين المسلمين فلا نعلم مرتدين على مر التاريخ.
قال الله تعالى في محكم التنزيل:{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلا}.
قال أبو جعفر الطبري: يعني -جل ثناؤه- بقوله {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}: فما شأنكم أيها المؤمنون في أهل النفاق فئتين مختلفتين؟!! {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} يعني بذلك: والله ردهم إلى أحكام أهل الشرك في إباحة دمائهم وسبي ذراريهم (١).
وقال الإمام الشوكاني- رحمه الله تعالى-: " الاستفهام في قوله تعالى" فَمَا لَكُمْ} للإنكار، واسم الاستفهام مبتدأ، وما بعده خبره.