دنياه فعصمه الله عن ذلك، وجعل قلبه يحنُّ إلى ذكر هذا السلف الصالح، يسأل عن سبيلهم ويقتصُّ آثارهم، ويتبع سبيلهم ليعوَّض أجرًا عظيمًا، فكذلك فكونوا إن شاء الله تعالى.
حدثني عبد الله بن محمد بإسناده، عن ميمون بن مهران قال: لو أن رجلاً نُشر فيكم من السلف ما عرف فيكم غير هذه القبلة.
أخبرنا محمد بن قدامة الهاشمي بإسناده، عن أم الدرداء قالت دخل عليَّ أبو الدرداء مغضبا، فقلت له: ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف فيهم من أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - شيئًا إلا أنهم يصلون جميعًا. وفي لفظ: لو أن رجلاً تعلم الإسلام وأهمه ثم تفقده ما عرف منه شيئًا.
حدثني إبراهيم بإسناده، عن عبد الله بن عمرو قال: لو رجلان من أوائل هذه الأمة خليا بمصحفيهما في بعض هذه الأودية لأتيا الناس اليوم، ولا يعرفان شيئًا مما كانا عليه.
قال مالك: وبلغني أن أبا هريرة - رضي الله عنه - تلا {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}[النصر: ١، ٢].
فقال: والذي نفسي بيده إن الناس ليخرجون اليوم من دينهم أفواجًا كما دخلوا فيه أفواجًا.
قف تأمل رحمك الله: إذا كان هذا في زمن التابعين بحضرة أواخر الصحابة، فكيف يغتر المسلم بالكثرة، أو تشكل عليه، أو يستدل بها على الباطل.