ومنعه طائفة، قال: والحق مع المانعين، إلا أن يترتب عليه مصلحة دينية، وكذلك أهل البدع والمعاصي المجاهرين بها، يمنع من ابتدائهم بالسلام والرد عليهم، قال المهلَّب: ترك السلام على أهل المعاصي والبدع، سُّنة ماضية، وبه قال كثير من أهل العلم.
وقال النووي: وأما المبتدع، ومن اقترف ذنبًا عظيمًا ولم يتب منه، لا يسلَّم عليهم، ولا يرد عليهم السلام، كما قاله جماعة من أهل العلم، واحتج البخاري بقصة كعب، انتهى.
فانظر: يا طالب الحق إلى ما قاله البخاري، واستدل به، وإلى قول صاحب الفتح: والحق مع من منع، وإلى قول المهلب والنووي، ووازن بين أقوالهم، وبين قول من أجازه وأباحه وجادل عليه، تعرف أنه لا بصيرة له، ولا معرفة له بأصول الشرع وأقوال العلماء، وأما قول صاحب الفتح: إلا أن يترتب عليه مصلحة دينية، فالمصلحة هي أن يُرجى بها إسلام غيره، أو تأليفه، أو غير ذلك، وأما المصالح الدنيوية فلا تترتب عليها الأمور الشرعية، ولا تناط بها أحكامها، ولا تُجعل سلَّمًا وذريعة إلى الجمع بين ما فرَّق الله ورسوله بينهما.
وقال البغوي - رحمه الله - في كتاب السُّنَّة: وأما هجر أهل المعاصي وأهل الريب والبدع في الدين، فيشرع إلى أن تزول الريبة عن حالهم، وتظهر علامات توبتهم وأماراتها.