للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.................................................................

ــ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (١) - رحمه الله -، وقد سئل عن الهجر المشروع، ومن يجب هجره أو يجوز هجره، قال في أثناء كلامه: ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتألف أقوامًا ويهجر آخرين، وقد يكون المؤلفة قلوبهم أشر حالا من المهجورين، كما أن الثلاثة الذين خُلِّفوا كانوا خيرًا من المؤلفة قلوبهم، لكن أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم، وكانت المصلحة الدينية في تأليفهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، وفي هجرهم عزّ الدين، وتطهير لهم من ذنوبهم. انتهى كلامه رحمه الله.

فانظر: أيها المنصف بعين الإنصاف، واحذر التعصب والاعتساف إلى ما قاله شيخ الإسلام، من أن في هجرهم عزا للدين، هذا إذا كانوا مسلمين لكنهم أصحاب معاص واقتراف لبعض الأوزار، فيجب هجرهم واعتزالهم حتى يقلعوا، وأما المشرك والمبتدع: فلا نزاع في هجرهما ولا خلاف فيه إلا عند من قلَّ حظه ونصيبه، من العلم الموروث عن صفوة الرسل، صلوات الله وسلامه عليهم ...

- ثم اتخذ في سرد الأدلة على وجوب الإنكار على أهل البدع والمعاصي حتى قال - فتأمل رحمك الله ما ذكره هذا الإمام - أي الإمام البخاري -: من الأحاديث والآثار الدالة على وجوب هجر أهل المعاصي، وأن ذلك هو هديه وسنَّته، فمن أعرض عنهما، ونبذهما وراء ظهره، فقد خاب سعيه وضل عمله، فلا نجاة للخلق ولا سعادة ولا كفاية ولا هداية، إلا باتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - واتباع ما


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٢٨/ ٢٠٣ - ٢١٠) ومحل الشاهد في/ ٢٠٦.

<<  <   >  >>