للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النية في معاملة الناس]

إن مقصود المسلم رضى الله تعالى قبل كل شيء، ثم التحبب إلى الناس بقصد فتح قلوبهم لقبول الدعوة ولا شك بأننا حين نتسم بالفظاظة والغلظة ننفر الناس منا وينفضون عنا والجمع بين ما يحبه الله والتحبب إلى الناس ليس بالأمر العسير إن التزمنا الحكمة وانشغلنا بمقاصد الشرع.

وما نقصده بالتحبب إلى الخلق: التخلق بمجموعة من الصفات الرفيقة والودودة التي إن توفرت في شخصية المسلم تجعل الناس ينجذبون إليه ويتعلقون به ويقبلون منه.

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحبب إلى بعض ضعاف الإيمان، بل وإلى غير المسلمين بشيء من العطايا والأخلاق الحسنة تأليفا لقلوبهم، واستنقاذا لهم من النار كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم - ((إني لأعطي رجالا وأدع من هو أحب إلي منهم لا أعطيه شيئا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم)) صحيح الجامع:١/ ٢٤٨٨.

ولا ريب أن خلق التحبب إلى الناس إن لم يكن خالصا لله عز وجل فسينقلب إلى نوع من النفاق والمداهنة والرياء فشدة حرصك على هداية الناس هي التي تجعلك تحرص على اكتساب حب الناس لك لما تطمع من إيصال الخير لهم على يديك.

ومن الصور الداعية لكسب قلوب الناس: الهدوء والسكينة واللقيا بالترحيب والاستقبال ببشاشة واستدامة التبسم وغيره، وقد جاء في وصف النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قول الصحابي: ((ما رأيت أحدا أكثر تبسما من الرسول - صلى الله عليه وسلم -)) صحيح الترمذي:٢٨٨٠ - ٢٩٠٣.

- لماذا نعامل الناس بخلق حسن؟

* النية الأولى:

١ - طاعة لأمر الله تعالى والرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى {وقولوا للناس حسنا} البقرة٨٣ وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن)) صحيح الجامع١/ ٩٧

٢ - اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان مثلا في الحلم والتواضع وإنفاق الأموال طمعا في هداية الناس، ولإنقاذهم من عذاب الله تعالى.

* النية الثانية: للفوز بأجر الخلق الحسن ..

١ - الأخلاق الحسنة سبب لهداية الناس، فأخلاق المسلم من أمانه وصدق ووفاء بالوعد والعفو والتسامح من أعظم الأسباب لدخول الناس في هذا الدين العظيم قال تعالى: {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} آل عمران١٥٩.

- ... وقد وقعت قصة تبين مدى تأثر الناس بأخلاق المسلمين. أسلم شاب يهودي وذهب إلى مقر الإسلام في أمريكا ليعلن إسلامه وليتفقه في الدين فسأله من كان هناك ما موقف أسرتك من إسلامك؟ قال: فرحوا واستبشروا وسوف آتيكم بأمي فلما جاءت أمه كانت ترتدي خمارا ولم تسلم بعد فسألها بعض القائمين على مركز الجاليات لم فرحت بإسلام ابنك وارتديت خمارا؟ قالت: لأنني قارنت ابني قبل أن يسلم وبعد أن اسلم فقد كان يعاملني بقسوة ولا يأتي لي بحاجاتي، ويشتمني ويضربني، فلما أسلم دخل وقبَّل يدي وأصبح يأتيني بكل ما أحتاجه ويعاملني بإحسان ورحمة.

فانظر أخي المسلم كيف تأثرت تلك الأم بأخلاق ابنها وبرِّه لها، فيجب أن تكون أخلاقنا مع غير المسلمين حسنة لنجذب قلوبهم إلينا ومن ثم يتقبلون منا ولكن مع تحكيم الولاء والبراء.

<<  <   >  >>