والرياء نوعان: أحدهما أن يريد الناس ورب الناس وهو بذلك يطلب الدنيا والآخرة فذهب بعض أهل العلم إلى أن عمله مردود لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ((قال الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)) رواه مسلم:٢٩٨٥.
الثاني: لا يريد بطاعته إلا الناس وكلاهم محبط للعمل.
أخي الحبيب: لا وصول للسعادة إلا بالعلم والعبادة فالعمل بغير نية عناء والنية بغير إخلاص رياء وهو للنفاق كفء ومع العصيان سواء والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء وكم من عمل يتعب الإنسان فيه وهو يظن أنه خالص لوجه الله تعالى ويكون من المغرورين.
والنية الصالحة لا تغير المعاصي عن مواضعها فلا ينبغي للجاهل أن يفهم ذلك من عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - ((إنما الأعمال بالنيات)) فيظن أن المعصية تصير طاعة بالنية ولكن من الممكن أن تنقلب الطاعة إلى معصية بالقصد، ودخول النية في المعصية إذا أضاف مقاصد خبيثة تضاعف وزرها وتعظم وبالها، والطاعة مرتبطة بالنيات في أصل صحتها وفي تضاعف فضلها فأما الأصل فهو أن ينوي بها عبادة لله وحده فإذا نوى رياء صارت معصية، وأما تضاعف الفضل فبكثرة النيات الحسنة فالتطيب مثلا إن قصد به التلذذ والتنعم فهو مباح وإن نوى به إتباع السنة فهو قُربة وإن نوى به التودد إلى قلوب النساء الأجنبيات والتفاخر فهذا يجعل الطيب معصية، فإن المباح بالنية الصالحة يرتفع إلى قربة وبالنية الفاسدة يصبح معصية.
**
[فضل النية]
للنية فضائل عظيمة جدا فهي تجعل المسلم يجمع أكبر قدر ممكن من الحسنات بدون أي مشقة أو تكلف وإليك بعضا من فضائلها:
١ - قال - صلى الله عليه وسلم - ((الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعمل لله فيه حقه فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء)) صحيح الجامع١/ ٣٠٢٤.
أخي الحبيب بادر وأسرع بالنية إنوِ لو أن لك مالا وصَلتَ به رحمك وبررت به والديك وساعدت الفقراء والمساكين والمحتاجين وبنيت به المساجد ووزعت المصاحف وبنيت دارا للأيتام وتحفيظ القرآن ونشرت به العلم بين الناس ولصرفته في كل أوجه الخير والحلال.
٢ - قال - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة،: (إن بالمدينة أقواما، ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم). قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: (وهم بالمدينة، حبسهم العذر).البخاري:٤٤٢٣.
أخي العزيز: لقد شارك الصحابة الغائبون المجاهدين بحسن نياتهم، فانو أيها الحبيب ما تحب مع الصدق في ذلك فإن كتب لك عمله عملته، وإن حبسك العذر أخذت أجرك كاملا بإذن الله.
٣ - قال - صلى الله عليه وسلم - ((من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه)) صحيح الجامع ٢/ ٥٩٤١.
أخي المسلم: إحذر كل الحذر أن تنام قبل أن تنوي قيام الليل لكي لا يفوتك الأجر.