للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيهما من النكات واللطائف واستمد منهما برد اليقين وثلج الصدور، ور تقنع بالعلوم العقلية فإنها ملساء مزلة الأقدام، وأصحابها يضطربون فيها اضطراب الأرشية.

هذا الإمام فخر الدين على جلالته وإمامته يصحح في بعض كتب ما يضعفه في الآخر، وأبلغ من ذلك أن ابن الراوندي سامحه الله صنف رسائل في خلق الأعمال

وفي قدم العالم وغيرها، ثم صنف هو نفسه رسائل في رد ذلك كما ذكره صاحب الفهرست.

ولا تجمع لنفسك بين القبح الظاهر وهو الفقر وقبح الباطن وهو الجهل، وسع الناس بأخلاقهم ومعارفك إن لم تسعهم بمالك ومعروفك، واجتنب الإساءة إليهم إن عجزت عن الإحسان لهم، وخذهم بالرجاء لأنه أيسر ولا تأخذهم بالخوف وان كانوا به أطوع لأنه أخطر، وارض بميسورهم وعظم حقيرهم، فلا يحصل للنفوس مقصودها إلا خالقها فلا تطلب المقصود إلا منه، واجعل باطنك وحده لله، وكن شديد الاستهانة بأمور الدنيا ضرا ونفعا عطاءا ومنعا حصولا وفواتا سلامة وآفاتا، وانظر الأصلح لنفسك من ذلك قبل وقوعه وبعده، فتوخه واجتهد فيه ولا تكن وكلابل متحركا كيسا، ورقع خرق عجزك وفلاكتك بحيلتك ومصابرتك والتعرض لتنفيسات الدهر والوثوب عند الفرصة، ولا تيأس من روح الله. قال صلى الله عليه وسلم: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}. قال الشاعر:

والعاجزان الغالبان معاقب ... وينتهي ومعاتب لا يخجل

وقال:

ثب على الفرصة قي موضعها ... فهي لا تبقى ولا تستكسب

واقطع بأن ذرة من حظ خير من قنطار عقل، وان جزءا واحدا من المال خير من أجزاء كثيرة من الكمالات النفسانية، ولله در من سمى المال كمال الكمالات، وتحقق أن المعاصي كالسموم يضر قليلها وكثيرها مع الاستخفاف بها ومع تعظيم ارتكابها وجليها وخفيها، وفلا تغتر بالتستر والحلية فإن لله عيونا من الملكوت ناظرة إليك، وإن للطاعات عبقا وشذا تفوح على أهلها وان كتموها، وللمعاصي نتنا وذفرا تفوح على أهلها وان أخفوها، وإذا نزعت عن الغواية فليكن لله ذاك النزع لا للناس، وخذ الناس إلى

<<  <   >  >>