للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما عدا همز تصور والذي يعني: الباقي غير (هل) عدا يعني: تجاوز همزة استثني همزة (تَصَوُّرٌ) يعني تفيد التصور، تستعمل في إدراك المفردات (وَمَا) أي والذي بقي من أدوات الاستفهام بعد هل (هَمْزًا عَدَا) أي عدا همزًا يعني تجاوز همزًا استثنيها (تَصَوُّرٌ) هذا خبر ما، أي: يطلب به تصور فقط دون التصديق، وتختلف من جهة أن المطلوب بكل منها تصور شيء آخر لأن (ما) لها معنى، و (من) لها معنى، و (أين) لها معنى وهكذا، فكل واحدة لها معنًى وتشترك في إفادة التصور لكن تشترك في إفادة التصور على طريقة واحدة أو تختلف في إفادة التصور باختلاف معانيها، لا شك أنه الثاني لأنها أسماء،،وإذا كانت أسماء فلها أوضاع، وإذا كانت لها أوضاع حينئذٍ اشتركت في قدر معين وزاد كل نوع منها على إفادة التصور بما دل عليه من معناه.

فـ (من) يطلب بها تعين الشخص العالم من هنا؟ فيقال: زيد. من هنا؟ هُنا أفادت ماذا؟ طلب التصور، لكن السؤال إنما يكون عن أي شيء؟ عن الشخص يعني: العاقل الذي اتصف بالعلم، فيقال: زيد. ونحوه مما يفيد التعيين والتشخص، فـ (من) موضوعة للجنس من ذوي العلم لا يُسأل بها عن الوصف. يعني لا يُسأل بـ (من) عن الأوصاف، وإنما يُسأل بـ (ما) عن الأوصاف، إن وُجِدَ استعمال (من) عن الأوصاف حينئذٍ لا بد من قرينة أو نكتة تدل على خروج شيء عن ما أوضع له.

(وَمَا) يطلب بها أحد الأمرين، إما شرح الاسم، أي شرح مدلوله، كقولك: ما العنقاء؟ ما المراد به؟ شرح هذا الاسم، طالبًا شرح هذا الاسم، وتجاب بإيراد لفظ أشهر أو حقيقة المسمى، يعني: (مَا) للتصور، يُطلب بها أحد أمرين:

إما شرح الاسم ما العنقاء؟ فيرد بلفظ أشهر من لفظ العنقاء، أو كشف عن حقيقة المسمَّى التي هو بها هو، أي الماهية. كقولك: ما الإنسان؟ يعني السؤال عن ماذا عن اللفظ أو عن حقيقته؟ عن حقيقته، يعني: ما ماهية الإنسان؟ تقول: حيوان ناطق.

(وَأَيٌّ) ويسأل بها عن ما يميز أحد المتشاركين في أمر يعمهما، (أَيّ) يطلب بها التمييز عن شيئين اشتركا في قدر مشترك بينهما فالذي امتاز به أحد صنفين هو الذي يجاب بأي، يعني يُسأل بـ (أَيّ) ويكون الشيء الْمُمَيِّز هو الذي يكون جوابًا لأي، لأنهم قد اشتركا فتأتي بالشيء المشترك فما افترق به أحدهما عن الآخر هو الذي يكون جوابًا، {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً} [مريم: ٧٣] هنا السؤال عن الخيرية، فريقان اشتراكا في أن كلاًّ منهما فريق وجماعة، حينئذٍ لا بد من تمييز بعضهما عن الآخر، أي أنحن أم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فالمؤمنون والكفار قد اشتركا في الفريقية، هذا فريق وهذا فريق، وسألوا عن ما يُمَيّزُ أحدهما عن الآخر، والأمر الذي يقع به التميز هنا هو الخيرية، والجواب بالتعيين نحن أو أنتم، والجواب معلوم.

و (أَيْنَ) ويُسأل بها عن المكان كـ أين زيد؟ وجوابه: في البيت، أو في المسجد.

و (كَم) ويسأل بها عن العدد نحو: {كَمْ لَبِثْتُمْ} أي كم سنةً أو شهرًا أو يومًا أو ساعة.

و (كَيْفَ) ويسأل بها عن الحال كيف زيد؟ أصحيح أم سقيم؟

و (أَيَّانَ) ويُسأل بها عن الزمان المستقبل {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>