للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و (مَتَى) ويسأل بها عن الزمان ماضيًا كان أو مستقبلاً بخلاف أيان فهي للزمن المستقبل نحو: متى تحضر؟ والجواب: اليوم، أو غدًا. ومتى حضرت؟ وجوابه: أمس أو أول أمس.

و (أَنَّى) أَنَّى هذه تستعمل:

- تارةً بمعنى كيف ولا يليها إلا الفعل نحو قوله تعالى: {أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: ٢٥٩]. يعني كيف، السؤال عن كيف. {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] أي كيف شئتم على أي حال.

- وتارة بمعنى من أين (أَنَّى) تستعمل بمعنى كيف ولا يليها إلا فعل ... {أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللهُ}، {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}.

وتارة بمعنى من أين نحو: {أَنَّى لَكِ هَذَا} [آل عمران: ٣٧]. يعني من أين لك هذا. أي من أين لك هذا الرزق الآتي كل يوم.

إذًا هذه المعاني اشتركت أو هذه الأسماء اشتركت في كونها يُسأل بها لإدراك التصور، ثم تفترق من حيث ما دلت عليه من معنى.

قال الناظم: (وَهْيَ هُمَا). ما التركيب؟ الهمزة (وَهْيَ) أي الهمزة. (هُمَا) تصور والتصديق. إذًا تُستعمل الهمزة للتصور والتصديق معًا، أو تارة للتصور، وتارة للتصديق؟

الثاني يعني: تارة وتارة، لأنهما يتنافيان تصديق إدراك المركب، والتصور إدراك المفرد، فلا يكون الشيء مركبًا ومفردًا في وقت واحد، إنما تارة تأتي للتصور، وتارة تأتي للتصديق (وَهْيَ) أي الهمزة. يطلب بها (هُمَا) أي التصور والتصديق، يعني التصديق فقط والتصور فقط، وقد تكون لطلب أيهما كان، وهذا الحكم مختص بالهمزة لكونها الأصل، وباقي الأدوات نائبة عنها، هذا الأصل في الاستفهام.

مثال التصور في المسند إليه أهذا زيد أم عمرو؟ تقول: زيد. أهذا زيد أم عمرو؟ هذا المسند إليه المسئول عنه هذا المشار إليه، هذا زيد أم عمرو؟ تصور زيد النتيجة يعني الجواب يكون زيد أو يكون عمرو. أَخَلٌّ فِي الإِنَاءِ أَمْ عَسَلٌ؟ هذا عالم بأن الإناء فيه شيء لكن لا يدري هل هو خل أم عسل، حينئذٍ يسمى ماذا؟ يُسمى تصورًا. ومثال التصور في المسند أَفِي الْخَابِيَةِ جِبْسٌ أَمْ عَسَلٌ؟ خابية هل فيها جبس أم عسل تردد في النوعية. ومثال التصديق أَزَيْدٌ قَائِمٌ؟ حيث كان التصديق لم يقم فإن كان أم عمرو أو أَم قعد فليس له، أَزَيْدٌ قَائِمٌ أَمْ لَمْ يَقُمْ؟ إذا كان التقدير أَمْ لَمْ يَقُمْ فهي للتصديق، لأنه قام زيد زَيد قائم أم قاعد هذا المراد، إن كان التقدير أم قاعد حينئذٍ خرج التصور، وإذا كان المراد أَمْ لَمْ يَقُمْ نفيت الذي أُسند بمقابل السابق حينئذٍ هي للتصديق.

إذًا (وَهْيَ هُمَا) يعني: الهمزة تأتي التصور والتصديق.

ثم قال:

وَقَدْ لِلاستِبْطَاءِ وَالتَّقْرِيرِ ... وَغَيْرُ ذَا يَكُونُ وَالتَّحْقِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>