للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَقَدْ لِلاستِبْطَاءِ وَالتَّقْرِيرِ ** وَغَيْرُ ذَا يَكُونُ)، وقد يكون الاستفهام للاستبطاء، يعني قد تخرج أدوات الاستفهام عن إفادة الاستفهام إلى معنى آخر، ومنها ما ذكره الناظم بما ذُكر، (وَقَدْ) تستعمل أدوات الاستفهام المذكورة في غير الاستفهام مما يناسب المقام بمعونة القرائن مجازًا، لأن الأصل استعمالها في هو الاستفهام، فإذا استعملت في غير المعنى الذي وُضِعَت له في لسان العرب حينئذٍ هو حقيقة المجاز، وذلك عند امتناع إجرائها على معانيها الحقيقية، إذا امتنع أن تحمل أداة الاستفهام على الاستفهام حينئذٍ لا بد من التأويل، والقرينة والحال هو الذي يدل على تعيين المعنى المراد، فتجيء حينئذٍ خرجت عن الاستفهام للاستبطاء، أي: عده بطيئًا في الإجابة، كم أدعوك وما تلبي دعوتي؟ كم أدعوك هل أراد أن يستفهم كم مرة يدعوه، أم أراد أنه يستبطأ الإجابة؟ أدعوك وأدعوك وأَدعوك وما أجبتني إلى من أشكوا حالي، كم أدعوك؟ حينئذٍ نقول: هذا للاستبطاء. إذا خرجت عن كونها تفيد الاستفهام. أي عده بطيئًا في الإجابة كم أدعوك؟ لمن دعوته فلم يجبك، وهو شكاية عن البطء ونسبة المخاطب إلى التقصير في الإجابة. ومثَّلَهُ في ((الإيضاح)) بقوله تعالى: {مَتَى نَصْرُ اللهِ} [البقرة: ٢١٤]. ليس استفهامًا وإنما هو فيه شيء من الاستبطاء، (وَالتَّقْرِيرِ) أي ويجيء الاستفهام أو أداة الاستفهام للتقرير، أي حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه وإلجائه إليه، {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: ١] ليس المراد به السؤال، وإنما المراد به التقرير، بشرط أن تسبق الهمزة المقرر به، ويُذْكَر بعدها فإن أردت التقرير بالجملة قلت: أَفَعَلْتَ كذا {أَلَمْ نَشْرَحْ} تأتي بالفعل مباشرة بعد الهمزة، أو بالمفعول قلت: أزيدًا ضربت؟ هذا تقريرٌ بالمفعول ليس بالضرب، وإنما بكون الضرب قد وقع على زيد، أو الفاعل {أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا} [الأنبياء: ٦٢]، هذا تقريرٌ للفاعل، والأول للفعل، والثاني للمفعول به.

وفي تقريره بالحال أراكبًا سرت؟ وقس عليه.

إذًا يؤتى بهمزة التقرير أولاً ثم بالمقرر به، إن كان فاعلاً حينئذٍ يكون التقدير فاعل، وإن كانت جملةً تأتي بالجملة، إن كان حالاً أو مفعولاً به ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>