الكبير المتعال، قم .. قم للأمر العظيم الذي ينتظرك، والعبء الثقيل المهيأ لك، قم للجهد والنصب والكد والتعب، قم فقد مضى وقت النوم والراحة، قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد.
إنها لكلمة عظيمة رهيبة تنتزعه - صلى الله عليه وسلم - من دفء الفراش، في البيت الهادئ والحضن الدافئ لتدفع به في الخِضمّ، بين الزعازع والأنواء، وبين الشد والجذب في ضمائر الناس وفي واقع الحياة سواء.
إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً، ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً. فأما الكبر الذي يحمل هذا العبء الكبير فما له والنوم؟ وما له والراحة؟ وماله والفراش الدافئ، والعيش الهادئ؟ والمتاع المريح؟!
ولقد عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقيقة الأمر وقدّره، فقال لخديجة رضي الله عنها وهي تدعوه أن يطمئن وينام:((مضى عهد النوم يا خديجة))! أجل .. مضى عهد النوم وما عاد منذ اليوم إلا السهر والتعب والجهاد الطويل الشاق!
(يا أيها المزمل * قم الليل إلا قيلاً * نصفه أو أنقص منه قيلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً).
إنه الإعداد للمهمة الكبرى بوسائل الإعداد الإلهية المضمونة: قيام الليل، أكثره: أكثر من نصف الليل ودون