للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلهم كالشجرة يجمعها أصل

واحد تفرعت منه أغصان، فاعرف لأهل السابقة حقهم ومنك وإلا فممن يطلب العرفان؛ وبصبر من هام بليلى ولعا باسمها وما عرف المسمى، ووقف حائرا لما استبعد المرمى، وظن أن لثامها دونها يمنع لثما، وتوهم أن الحجاب العلة وما عرف أن طرفه عن حسنها أعمى. فداو قلوبهم المرضى، ونبه جفونهم من رقداتها فقد أطالت غمضا، وارفق بهم ودارهم وارض بأن تكون لهم أرضا، ولا تدع من تراه ترك نافلة حتى ترى دوام السهر على عينيه فرضا. وأحسن تربية من استجد في التنقل من حال إلى حال، وإيقاظه من أول عشاء حتى يتعب ويرد الليل أسمال. وتدريج المريدين على قدر ما تحتمله أفهامهم، وتشتمله من مطارف القوة أيامهم. وإياك والمعاجلة بكؤوس لا تقوى كل قوة على شرابها، وكشف حقيقة غاية كثير من الناس أن يقف بعيدا عن حجابها. وألزم كلا ممن عندك أو استجد تلاوة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهما الثقلان، وحسب من غذى بهما قلبه وهو ملآن؛ فلا طريق إلى الله إلا من سبيلهما، ولا هدى إلا لمن استرشد بدليلهما؛ فعليك بهما فهما المنهاج والشرعة، وإياك إياك من كل محدثة فكل محدثة ضلالة وكل ضلالة بدعه.

فاتخذهما لك إلى الله الذريعة، ومر بتجنب ما سواهما فقد أجمعت الأمة على بطلان كل حقيقة تخالفها الشريعة. ومن مال إلى ما نعوذ بالله منه من اتحاد أو حلول، أو ادعى أنه يكون إلى الله من غير طريق الأنبياء وصول، فكن أنت المنكر عليه، والسارق بعدلك السيف إليه. ومن لم يكن قلبه قد اشرب كفرا، ولا أعمل في إقامة الدليل فكرا، فخذه بالتوبة والاستغفار، وخذه بما أمر الله به نبيه: {قل إنما إلهكم إله واحد لا إله إلا هو سبحانه هو الله الواحد القهار}. واعلم يقينا بأن

<<  <   >  >>