للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولئك أمورهم بينة وهي متشابهة، وأنهم بالغوا في التوحيد فوقعوا في الشرك إذ أرادوا أن يجعلوا الكل إلها واحدا فجعلوه آلهة. ولا يموه عليك من ادعى أو ادعي له أنه إنما قال ذلك شطحة في سكره، فقد صدق ولكنه خمار مسكراته أو من مخامرة كفره.

وقد يقول قوم إنهم من العشاق، وما كذبوا فإنهم ما موهوا إلا في فعلهم وأما قولهم فهم محمول على الإطلاق. وإياك والرأفة على أحد من هذه الفرقة الضالة رأفة رحيم، أو مخادعة رأيك فيهم فما أنت به من سوء باطنهم عليم، وخذ في أمرهم بالحزم {وإما ينزغنك

من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} ومن دخل في هذه الطائفة من غير أهلها أو تغير عما عهد عليه لا تحسن له ملتقى، ولا تدع له مرتقى، ولا تحمل أحد منهم على الحلم {بلى من أوفى بعهده واتقى} وأنت كبير قوم تهوي إليك نجائبهم من كل فج عميق، وترد عليك ركائبهم من الطريقة والطريق: فوسع لملتقاهم صدرك الرحيب، ونوع لقراهم برك القريب؛ واعلم بأنك أصبحت في بيوتك للوفود مقيم ومقيل، وقبيح بمن تخلق بصفات الكريم رد نزيل؛ فأي مسافر وقف لك على باب، أو مت إليك من خرقة الفقر بأسباب، عجل له الإذن في الدخول، واضرب له ببشرك به مثلا في البشرى بقرب الوصول: فأنتم قوم مبنى أمركم على التوكل فدع هذا من التوكل وما نوى، وأمر بأن يؤخذ عكازه وتفرش سجادته لتلقي غربته عصاها ويستقر بها النوى؛ ومثل هذا المغترب إن لم تسهم له مع من عندك بنصيب، لا يقدم عليك غريب، ولا يصح له مع الغرباء ما يقال: كل غريب للغريب نسيب: فمن مثل هذه الصدقة كسبه، وما أتاك حتى توكل على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وبقية ما يقاس وما يقال، وما توشع به من وظائف الذكر الحميد أردية بكر وآصال؛ فعن تعبداتك يحكي الحاكي، ومن تهجداتك يشكو الليل لو يعطف المشكو على الشاكي، وبسببك يتنافس في العمل الزاكي، وبك يتأسى طرف كل واحد لولاك ما كان بالباكي ولا المتباكي. وتقوى الله بها تبدو لطائف الأسرار، ويغدو {الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار} وهي

<<  <   >  >>