في الصقر: ومن صقر لا تؤسى له جراح، ولا يدع من وحش يسرح ولا طائر يطير بجناح؛ أينما وجه لا يأتي إلا بخير، وحيثما أطلق كان حتف الوحش والطير؛ يدع أقطار الفلاة مجزرة، أو روضة بالدماء مزهرة؛ يجد إلى الطير في عنقه، ويحلق إلى السماء ويرجع وطائره في عنقه؛ تخافه العفر على نفوسها، وتخضع له ولأمثاله فما تخرج إلا
والطير على رؤوسها؛ يزيد خبره في مضان الصيد على الخبر، وتخرج الظباء وقد انسجنت خوفا منه في ملاءة من العجاج مخيطة من قرونها بالإبر؛ شديد الأيد، قد بنى على الكسر حروف الصيد؛ يحمد مقتنيه أيامه الغر، ويقول له إذا تلفت إلى الصيد: إن جلبت ضيفا فأنت حر؛ لا يحب مستصحبه معه غلا مزاده، وأينما سار حامله وهو على يده كأن معه زاده.
في السنقر: وبينها سنقر هو فيها ملك متوج، ورزق مروج؛ تجرأ على سفك الدماء، وأبى أن يطلب رزقه إلا من السماء؛ يود الكركي لو خلص من مخاليبه، ويخاف أن يسلم من خرط الشبكة ويقع في كلاليبه؛ يدرك الصيد ولا يؤجله، ويدفع صدره ثم يومي إليه برأسه كأنه يستعجله؛ قد جمع من المحاسن كل الصنوف، وكتبت عليه أسطر تقرأ بما تقرى به الضيوف.
في الشاهين: ومن شاهين مذ حلق وراء الطير شاهت به الوجوه، وشاهدت الأمال به ما ترجوه؛ قد أصبح كل محلق بجناحه رهين يده، وكل سارب من الوحش طعام يومه أو غده؛ لا يتعبه خلف الطريدة بعد المدى، ولا يرده خوف مسافة ولا تقحم ردى؛ ريبة عام لم يمنع بطول دهر، وممتد منه في الطلق مثل ريح سليمان التي غدوها شهر ورواحها شهر.
في الكوهية: ووتبعتها كوهية، هي بالمحاسن حرية، ولكثرة الأقدام مجرية؛ قد وكل يها أمر مطبخه، وأمد بها من الطير من ليس بمصرخه؛ لا تعف عن دم، ولا ترى