في روضة غناء: هذا وهو إلى جانب روضة تولت خيوط الأنواء نسج غلائلها، ورقم خمايلها؛ وتعليق سيوف الجداول من جنباتها المخضرة في خمائلها؛ وقد وشعت مرطها، وحلت إلى الأنداء قرطها؛ ونفضت عليها البكر والأصائل أصباغها، وأطالت عليها ظلال الصباح والعشي إسباغها؛ فجاءت ببدائع الألوان، وأقبلت باكورة تعد من بداية الأوان؟
في شجر بادية: وثم شجر له دواء وما له ثمر، وسمر لا يجتنى منها إلا طرائف السمر؛ وقد جعلت تلك المهامه أدواحا، وكانت لجسوم تلك القفار أرواحا؛ فلم يبق إلا من توقى بها حر الهجير، وتعلق بذمة ظلالها من نار الرمضاء يستجير؛ فأطالت ذماء كل روح، وطابت مقيلا أنست لمفارق الخيام بذي طلوح.
في بر مقفر: واستقبل برا لا تسلك فيه القطا، ولا يستعجل فيه البطا، وقد بعد ما بين جنبيه، وعلقت دون أقصاه المطي فلا تنتهي إليه؛ لو سلكه النجم لضل، أو اقتحمه الريح المتشامخ لذل؛ أو سقته السيارة لما اهتدت إلى الماء ببيت امرئ القيس، أو دليل خالد لما نسب في أمره إلى الكيس؛ لا تعرف فيه اليعافير كيف تتجه، ولا العصافير في أي قطر هي لأمره المشتبه؛ يفني في أقل مداه الزاد والظهر، ويفنى الجديدان: اليوم والليلة، ويقصر المديدان: المقام والشهر.