ولم يرتض الشيخ ابن القيم هذه التفسيرات للحديث وردَّها وقال: [وفيه نظر لا يخفى فإن شفاعة الولد في الوالد ليست بأولى من العكس وكونه والداً له ليس للشفاعة فيه.
وكذا سائر القرابات والأرحام وقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} سورة لقمان الآية ٣٠. وقال تعالى:{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} سورة البقرة الآية ٤٨. وقال تعالى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} سورة البقرة الآية ٢٥٤. فلا يشفع أحد لأحد يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى، فإذنه سبحانه وتعالى في الشفاعة موقوف على عمل المشفوع له من توحيده وإخلاصه. ومن الشافع من قربه عند الله ومنزلته ليست مستحقة بقرابة ولا بنوة ولا أبوة.
وقد قال سيد الشفعاء وأوجههم عند الله لعمه ولعمته وابنته:(لا أغني عنكم من الله شيئاً) وفي رواية: (لا أملك لكم من الله شيئاً) وقال في شفاعته العظمى لما يسجد بين يدي ربه ويشفع: (فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة) فشفاعته في حدٍ محدودٍ يحدّهم الله سبحانه له ولا تجاوزهم شفاعته.
فمن أين يقال إن الولد يشفع لوالده فإذا لم يعق عنه حبس عن الشفاعة له ولا يقال لمن يشفع لغيره أنه مرتهن ولا في اللفظ ما يدل على ذلك والله سبحانه وتعالى يخبر عن ارتهان العبد بكسبه كما قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا} سورة الأنعام الآية ٧٠.فالمرتهن هو