ولا بد للإنسان من التفكير في البديل عن الجنة إذا لم يدخلها، وإلى أين سيذهب؟ البديل عن الجنة النار، وليس هناك بدائل أخرى، كما قال صلى الله عليه وسلم في أول يوم أعلن للناس فيه دعوته:(والله! لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبداً، أو النار أبداً)، واحدة من الاثنتين، إما الجنة وإما النار، فيا ترى كيف النار؟ ويا ترى ما مقدار عذاب أقل واحد في النار؟ روى البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عن النعمان بن بشير رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرة -أو قال في رواية: جمرتان- يغلي منها -أو منهما- دماغه)، أي: توضع جمرة تحت الرجل يغلي منها الدماغ، وبعض الأحاديث الأخرى قد صرحت أن هذا الرجل هو أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أقل واحد، فما بالك بمن في الدركة الوسطى والدركات التي بعد هذا، والدركات الدنيا، شيء مهول وعظيم جداً.
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ناركم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم)، أي: هذه النار التي نراها في الدنيا جزء من سبعين جزءاً، فقال الصحابة:(يا رسول الله! إن كانت لكافية)، يعني: لو كان العذاب بنار الدنيا لكان كافياً.
فقال صلى الله عليه وسلم:(فضلت عليهن -أي: على نيران الدنيا-)، وفي رواية:(فضلت عليها -أي على نار الدنيا- بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها)، فمن هنا نفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه الذي قال فيه:(يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة)، وفي رواية ابن ماجه:(غمسة)، يعني يؤتى بملك ظالم، أو سلطان متكبر، أو حاكم جبار، أو واحد كان عنده نعيم كبير جداً في الدنيا، لكنه من أهل النار، ثم يقال (يا ابن آدم! هل رأيت خيراً قط)، أنت أكثر شخص كنت متنعماً في الدنيا، (هل رأيت خيراً قط، هل مر بك نعيم قط، فيقول: لا والله يا رب!)، ضاعت متعة المال، ومتعة الملك، ومتعة النساء، ومتعة السلطة، وذهب كله بغمسة واحدة في النار، بغمسة واحدة في هذا الجحيم.