وقيل فى تسميته بأبى لهب: لإشراق وجهه، ولكن لم يكن إشراقه بإيمان بل كان إشراق إحراق فوجه هذا كان يخفى غيظا وحقدا وبغضا وازدراء وتنقصا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان من مظاهر هذا البغض أن يسير خلف الرسول صلّى الله عليه وسلم وهو يدعو الناس ليصرف الناس عنه ويحذرهم منه. فهذا ربيعة بن عباد الديلى يقول: إنى لمع أبى؛ رجل شاب أنظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتبع القبائل ووراءه رجل أحول وضىء الوجه ذو جمة يقف رسول الله صلّى الله عليه وسلم على القبيلة فيقول:«يا بنى فلان، إنى رسول الله إليكم آمركم أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئا، وأن تصدقونى وتمنعونى حتى أنفذ عن الله ما بعثنى به»، وإذا فرغ من مقالته قال الآخر من خلفه: يا بنى فلان هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الجن من بنى مالك بن أقيس إلى ما جاء به من البدعة والضلالة فلا تسمعوا له ولا تتبعوه، فقلت لأبى: من هذا؟ قال: عمه أبو لهب.
رواه أحمد والطبرانى بهذا اللفظ.
وكان من مظاهر هذا الحقد كذلك أن يستعمل ماله فى هذه الحرب. فيقول السهيلى: كانت الصحابة إذا قدمت عير إلى مكة يأتى أحدهم السوق ليشترى شيئا من الطعام قوتا لعياله فيقوم أبو لهب فيقول: يا معشر التجار: غالوا على أصحاب محمد حتى لا يدركوا معكم شيئا، وقد علمتم مالى ووفاء ذمتى، فأنا هنا من لا كساد عليكم فيزيدون عليهم فى السلعة قيمتها أضعافا، حتى يرجع أحدهم إلى أطفاله يتضاغون من الجوع، وليس فى يده شىء يطعمهم به، ويعدو التجار على أبى لهب فيربحهم فيما اشتروا من الطعام واللباس حتى جهد المؤمنون ومن معهم جوعا وعريا. فكان عداؤه وحقده فى جهده وسعيه وماله.
وكان من مظاهر هذا الحقد وهذه العداوة هذا التظاهر على الأذى من أبى لهب وزوجته أم جميل واسمها أروى بنت حرب، وكانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده، وكانت تضع الشوك فى طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكانت تمشى بالنميمة.
جاءت مرة وهو جالس بالمسجد وبيدها حجر تريد أن تضربه به فصرف الله بصرها عنه، فلا ترى إلا أبا بكر فقالت: يا أبا بكر أين صاحبك؟ فقد بلغنى أنه يهجونى والله لو وجدته لضربت بهذا الحجر فاه، أما والله إنى لشاعرة، ثم قالت شعرا تهجو به الرسول: