ومع روضة جديدة من روضات القرآن الكريم مع سورة الفجر، والتى نزلت بعد سورة الليل فهى مكية، وتبدأ بهذا القسم الذى يفتح العيون والعقول والقلوب على آيات الله الكونية فى هذا التتابع القرآنى الكريم فى مجموعة من السور المباركة وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤) هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠) الَّذِينَ
فآيات الفجر بنوره وظهوره ووضوحه، والليالى العشر التى تؤثر كذلك بصنوف من العبادات فهى عشر ذى الحجة على ما ذكر ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف. وقد جاء فى صحيح البخارى عن ابن عباس مرفوعا:«ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام- يعنى ذى الحجة» قالوا:
ولا الجهاد فى سبيل الله، قال:«ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء»«١»، والشفع والوتر يتصلان بهذا المعنى الزمنى المنير فى قول ابن عباس وعكرمة والضحاك حيث قالوا: إن الوتر يوم عرفة لكونه التاسع وإن الشفع يوم النحر لكونه العاشر.
ثم يأتى ذكر الليل إذا يسر، أى إذا ذهب، ذكر ذلك العوفى عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال عبد الله بن الزبير حتى يذهب بعضه بعضا. فالآيات التى ذكرت هنا مقترنة بالوضوح، والنور الذى تتجلى فيه الرؤية الصائبة للأمور، إنه النور الحسى فى الفجر وضيائه، والنور المعنوى فيما يكون مع الفجر والليالى العشر والشفع والوتر من عبادات تنير القلوب؛ ليأتى بعد القسم بهذه الآيات بيان المقسم عليه، وتفضله والذى يتمثل فى مجموعة من القضايا المتعلقة بالطغيان والفساد والتظالم بين العباد، والمتعلقة كذلك بنظرة الإنسان إلى ما يصيبه من حقائق الابتلاء، وموقفه من البسط والقبض فى الرزق،