إن كلمة الوحى تطلق فى اللغة ويراد بها مجموعة من المعانى نجملها فيما يلى:
الوحى يطلق على الإعلام فى خفاء وفى سرعة، فأما أصل الخفاء والسر فيمثل له بتسمية الإلهام وحيا، ومنه قوله تعالى: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ [الأنعام: ١٢١]. أى يوسوسون فى صدورهم، وهذه الوسوسة من الشيطان تعرف؛ لأن حديث الشيطان وأمره فى الصدر قد كشفه القرآن الكريم وبينه، وحذرنا منه، وأعاننا عليه، فأما الكشف والتحذير فمثاله قوله تعالى. يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (١٦٩)[البقرة]. فأى حديث فى النفس يأمر بالسوء، أو يأمر بالفحشاء، أو يشكك فى عقيدة، أو يحدثك عن الله بغير ما جاء فى كتابه الكريم وسنة رسوله فإنما هو حديث الشيطان ووحيه ووسوسته، وأما الإعانة عليه فأرشدنا القرآن إلى الاستعاذة بالله عند ما ينزغ الشيطان: فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف: ٢٠٠]«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»، أو «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم». وأرشدنا إلى أن الشيطان خناس فلا يمكث فى مكان يذكر فيه اسم الله، ولا يقوى على الاستمرار فى صدر تقى يعمر بذكر الله. إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١)[الأعراف]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)[الناس]، ولا يخفى ما فى وسوسة الشيطان بهذا المعنى من خفاء وسرعة تدخل على الغافلين وتدفعهم إلى السوء إن استجابوا لوسوسته ولم يدفعوها باللجوء إلى الله وذكره.
وأصل السرعة فى كلمة الوحى لغويا كذلك جعل تسمية الخط وحيا لسرعة حركة اليدين لكاتبه، ووحى الحاجب واللحظ سرعة إشارتهما، ومنه «الوحا» أى السرعة.
ومن المعانى اللغوية كذلك للوحى: الإلهام الفطرى، والإلهام الغريزى الذى يتضمن معنى التسخير.