ومع روضة جديدة من روضات القرآن الكريم مع سورة الضحى التى نجد فيها الخطاب الرحيم من الله سبحانه لرسوله صلّى الله عليه وسلم بعد فترة للوحى، وانقطاع زاد فيه حنين رسول الله صلّى الله عليه وسلم لنزول جبريل بوحى ربه الذى تشرق به الحياة، والذى به يخرج الناس.
من الظلمات إلى النور، وكان هذا الانقطاع فرصة للمشركين أن يتقولوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأن يقولوا: إن ربّ محمد قلاه فنزلت سورة «الضحى» الكريمة بردا وسلاما على رسول الله صلّى الله عليه وسلم تخبره وتخبر الناس بما له عند ربه، وما يدخره له، وما كان من فضل الله عليه، والذى لا يحرمه منه أبدا.
ذكر الإمام أحمد فيما يرويه عن جندب قال: اشتكى النبى صلّى الله عليه وسلم فلم ينم ليلة أو ليلتين فأتت امرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله عز وجل:
وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (٧) وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى (٨) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١). رواه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى وابن أبى حاتم وابن جرير من طرق عن الأسود بن قيس عن جندب هو ابن عبد الله البجلى. وفى رواية سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس سمع جندبا قال: أبطأ جبريل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال المشركون: ودع محمدا ربه فأنزل الله تعالى: وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣).
وقال العوفى عن ابن عباس رضي الله عنهما: لما نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم القرآن أبطأ عنه جبريل أياما فتغير بذلك، فقال المشركون: ودعه ربه وقلاه، فأنزل الله: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣) وهذا قسم منه تعالى بالضحى وما جعل فيه من الضياء، والليل إذا سجى أى: سكن وأظلم وادلهمّ. وفى هذا القسم استمرار بالتذكير بهذه الآيات الكونية العظيمة التى جاءت فى السور السابقة من الليل والفجر فهنا القسم بالضحى، وما جعل الله فيه من النور والليل إذا أقبل وسكن وأظلم؛ لينظر الناس فى هذه الآيات؛ ولينظروا أيضا فى نعمة الله عليهم فى تنوير بصائرهم وهدايتهم للتى هى