يقوم هذا الإجماع على نصوص كثيرة: منها ما رواه الإمام أحمد عن عثمان بن أبى العاص قال: كنت جالسا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره ثم صوبه، ثم قال:
أتانى جبريل فأمرنى أن أضع هذه الآية هذا الموضع من السورة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ... إلى آخرها [النحل: ٩٠].
ومنها ما يثبت فى السنن الصحيحة من قراءة النبى صلّى الله عليه وسلم بسور عديدة كسورة البقرة وآل عمران والنساء. ومن قراءته لسورة الأعراف فى صلاة المغرب، وسورة «قد أفلح المؤمنون»، وبسورة الروم فى صلاة الصبح، وقراءة سورة السجدة، وسورة «هل أتى على الإنسان» فى صبح يوم الجمعة، وقراءته سورة الجمعة، والمنافقين فى صلاة الجمعة، وقراءته سورة «ق» فى الخطبة، وسورة «اقتربت» و «ن» فى صلاة العيد، وكان يقرأ ذلك كله مرتب الآيات على النحو الذى فى المصحف على مرأى ومسمع من الصحابة.
ومنها ما أخرجه البخارى عن ابن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً [البقرة: ٢٣٤] نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها (والمعنى لماذا تكتبها؟ أو قال: لماذا تتركها مكتوبة؟ مع أنها منسوخة)، قال: يا ابن أخى لا أغير شيئا من مكانه. فهذا حديث واضح الدلالة فى أن إثبات هذه الآية فى مكانها مع نسخها توقيفى، لا يستطيع عثمان رضي الله عنه باعترافه أن يتصرف فيه لأنه لا مجال للرأى فى مثله.
ومن ذلك ما رواه مسلم عن عمر قال: ما سألت النبى صلّى الله عليه وسلم عن شىء أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن بإصبعه فى صدرى وقال: تكفيك آية الصيف التى فى آخر سورة النساء، فالرسول صلّى الله عليه وسلم دله على موضع تلك الآية من سورة النساء، وهى قوله سبحانه: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [النساء: ١٧٦].
هذا ما يتعلق بترتيب الآيات وقد رأينا أنه توقيفى وعرفنا أدلة ذلك، فما القول فى السورة القرآنية وما يتعلق بها؟