سور كثيرة أخرى: أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥)[النجم].
القيمة الأخرى فى الإنذار بالنار، والتخويف بها لينضبط السلوك البشرى وليكون الإنسان على طريق المتقين الذين يؤتون أموالهم؛ ليزكوا أنفسهم ويجتنوا عذابها، وأما الذى يصلاها فإنه الأشقى فيدخلها دخولا يحيط به من جميع جوانبه، ويكون أهون أهل النار عذابا يوم القيامة فى حالة لا يقوى عليها إنسان، روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة رجل توضع فى اخمصى قدميه جمرتان يغلى منهما دماغه»، رواه البخارى، وقال مسلم فى رواية كذلك عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلى منهما دماغه، يغلى الرجل ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا وإنه لأهونهم عذابا». والأشقى الذى يصلى هذه النار هو الذى كذب بقلبه وتولى عن العمل بجوارحه وأركانه.
القيمة الأخرى والمتصلة بما سبق فيه: لا يعرفها الإنسان إلا فى ظل الإيمان بالله سبحانه عند ما يملأ الإيمان قلبه فلا يطمع إلا فى رضاه ولا يريد إلا وجهه سبحانه فلا يكون عمله فى انتظار حمد من الناس أو فى رد جميل سابق لأحد من إخوانه عليه.
إن هذا المعنى لا وجود له إلا فى تربية النفوس على منهج الله ليكون عطاؤها له إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩)[الإنسان].
أى سيزحزح عن النار التقى النقى الأتقى الذى يصرف ماله فى طاعة ربه، ليزكى نفسه وماله، وما وهبه الله من دين ودنيا، وليس بذله ماله فى مكافأة من أسدى إليه معروفا، فهو يعطى فى مقابلة ذلك، وإنما سارع إلى ذلك طمعا فى أن يحصل له رؤيته فى الدار الآخرة فى روضات الجنات.
القيمة الأخيرة: وتمثل ثمرة تسعد الإنسان فى حياته إنها ثمرة الرضى التى لا تتحقق إلا لمن اتصف بهذه الصفات.
إنها نعمة كبرى أن يرزق الإنسان الرضى النفسى، فلا يزعجه شىء، ويرضى بما منحه الله من شىء فلا يرى إلا منشرح الصدر مطمئن القلب.