ابن مسعود:«إذا فرغت من الفرائض فانصب فى قيام لله، وقال الكلبى: إذا فرغت من تبليغ الرسالة «فانصب» أى استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات، وقال الحسن وقتادة: إذا فرغت من جهادك وعدوك، فانصب لعبادة ربك، وعن مجاهد: فإذا فرغت من دنياك فانصب فى صلاتك، ونحوه عن الحسن، وقال الجنيد: إذا فرغت من أمر الخلق فاجتهد فى عبادة الحق وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨) فالذى أنعم بالنعم السابقة هو الذى يرغب فيما عنده لا سواه» «١».
إن سورة الشرح التى نزلت بعد سورة الضحى تؤكد فى النفسية المؤمنة تقدير النعم والتأمل فيها والقيام بواجب شكر المنعم تبارك وتعالى، وخاصة فى القيام بالأعمال الصالحة التى هى من جنس ما أنعم الله به على الإنسان، فهذا أدعى إلى الإقبال على الصالحات برغبة وإتقان، فإن الذى ذاق شدة ثم خرج منها بفضل الله ورحمته هو أعرف الناس بحقيقتها وشدة تأثيرها على الإنسان، وعلى ذلك يكون أسرع الناس بمنطق إيمانه إلى تقديم العون لمن وقع فى مثلها، فالناس جميعا معرضون للابتلاء فالذى وقع فيه مبتلى، ومخرجه الصبر والرضا، والذى عوفى مبتلى بموقفه من أهل البلاء ومخرجه شكر الله على نعمه وتقديم العون لإخوانه من أهل الابتلاء. وهذا المخرج للفريضة هو سبيل الفلاح والنجاح للإنسان فى هذه الحياة، والذى فضل فى السورة الكريمة التى نزلت بعد سورة الشرح وهى سورة العصر.