للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن رحمة بهذه الأمة فإن الله سبحانه قد ذكر لها من أنباء السابقين ومن سائر صنوف التنبيه ما يعينها على تخطّى العقبات وتجاوز المعوقات التى تقف فى طريقها وتريد فتنتها. فوعد الله حق فلا ينبغى أن تفتن الدنيا الإنسان، لتصرفه عن مصيره ومرجعه إلى ربه ووصوله إلى الآخرة وصولا حسنا فتؤخذ بمنهج الله ويسعى فيها

الإنسان بما أمر به ونهى عنه، ولا ينبغى كذلك أن يفتنه الشيطان فهو عدوّ وغايته واضحة، وهو يريد بمدعوّيه الوصول إلى السعير. وأمام هذا التنبيه كذلك توقف الآيات المنزلة الناس على حالهم وانقسامهم إلى كافرين لهم عذاب شديد وإلى مؤمنين صالحين لهم المغفرة والأجر الكبير، وإلى من وقع تحت فتنة تزيين الشيطان للسوء فيراه الغافلون حسنا، وإلى أهل البصيرة الذين لا يقعون تحت تأثيره ولذلك فلا تحزن عليهم قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (٨).

وتعين الآيات الكريمة المنزلة الناس على حسن السير فى الطريق المستقيم فتمزج بين الآيات الدالة على قدرة الله سبحانه، ليثق الناس بوعد الله وأن مظاهر البعث يشاهدونها فى آيات قدرة الخالق سبحانه، وبين آيات النعم السابغة وما يقتضى ذلك من صلاح الكلمة والعمل وتجنب السيئات، فآية الرياح وما تثيره من السحاب والذى يسوقه الله لإحياء البلاد والأرض بعد موتها آية قدرة ودليل على النشور. ومقتضى ذلك أن يسلك الإنسان سبيل الاستقامة فى الكلمة والعمل فتكتب له العزة، لأنها لله سبحانه وكتبها لأهل طاعته، وخلق الإنسان من تراب ثم من ماء، والزوجية والحمل والوضع والعمر المتعدد طولا وقصرا للإنسان آيات قدرة قال تعالى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١١).

وتستمر الآيات الكريمة المنزلة فى بيان هذه الآيات الموجهة إلى مظاهر نعم الله على الإنسان، ومظاهر قدرة الخالق سبحانه فى هذه الآيات وما يقتضى ذلك. فهذان بحران أحدهما: عذب فرات، والآخر: ملح أجاج منهما يأكل الناس اللحم الطرى ويستخرجون

<<  <   >  >>