فإن قال: أجعل يحملها الخبر، وأعلق حتى به، وأتأول وجهيها، فأقول: يحمل إلى أن يجيء، أو كي يجيء؛ ليكون فيه زيادة فائدة على ما كان في المبتدأ، ألا ترى أنه قد جاز: ضرب ضرب شديد، ونفخ نفخ شديد، فجاز من أجل الصفة، وحسن، ولولا الصفة لم يحسن: ضرب ضرب، ولا نفخ نفخ، فكذلك أجعل ما تعلق بيحملها محسناً لأن يكون خبراً، كالصفة في ضرب ضرب شديد؛ لاجتماعهما جميعاً، في زيادة الفائدة، وإذا كان كذلك، يم يكن بمنزلة قولك: الذاهبة جاريته صاحبها؛ لأن هذا الخبر لا زيادة فقيه على ما أفاد المبتدأ، وهذه المتعلقات قد جرت عنده مجرى الصفة، لما تحدثه من التخصيص، كتخصيص الصفات؛ ألا ترى أنه قد أجاز: سير عليه ملى من النهار، جعلت من النهار متعلقاً بمحذوف، أو جعلته متعلقاً بنفس ملى، فهو قول.
وقال أمية يصف الهلال:
لانقصَ فيه غيرَ أنَّ خبيَّهُ ... قمرٌ وساهورٌ يسلُّ ويغمدُ
يقول: إن الهلال خلقته أبداً واحدة، وإنما يراه الرائي ناقصاً لقربه من الشمس، فعلى قدر قربه منها، وبعده عنها، يكون تمامه ونقصه، نفي مرآة العين.