المعنى: هانَ سخطُه، فالجارُّ والمجرورُ في موضعِ رفع، كما كانا في (كفى باللهِ) كذلك، فأمَّا قولُ جريرٍ:
فأولعْ بالعفاسِ بني نميرٍ ... كما أولعتَ بالدَّبرِ الغرابا
فالجارُّ والمجرور في موضع نصب، ويدلُّك على ذلك أمران: أحدهما تعدَّى الفعل إلى مفعولين، ألا ترى أنَّ أولعْ تعدَّى إلى بني نميرٍ، وتعدَّى إلى العفاس بالباء، والآخرُ: تعدِّيه إلى المصدر، ألا ترى أنَّ المعنى: أولعهم بها إيلاعاً، كإيلاعك الغرابَ بالدَّبر، ومن ذلك ما أنشده أبو زيد:
مهما ليَ اللَّيلةَ مهما ليهْ ... أودى بنعليَّ وسرباليهْ
يجوز أن تكون الباءُ زيادةً، كأنه: أودى نعلايَ، فلحقت الباءُ، كما لحقتْ في (كفى باللهِ)، ويدلُّك على زيادة الباء ما أنشده أبو زيد:
أودى بنيَّ فما برحلي منهمُ ... إلاَّ غلاماً بيئةٍ ضنيانِ