فإن قلت: فلمَ لا تجعلُ الباءَ زيادةً في المفعولِ به، كقوله:
هنَّ الحرائرُ لا ربَّاتُ أحمرةٍ ... سودُ المحاجرِ لا يقرأنَ بالسُّورِ
ويكون الفاعلُ مضمراً، كأنه: أودى مودٍ بنعليَّ، فتضمرهُ للدَّلالةِ عليه، كما أضمر في قوله:(ثمَّ بدا لهمْ)، ونحو ذلك.
فالقولُ أنَّ هذا أضعفُ، لأنه ليس في مودٍ الذي تضمره زيادةٌ على ما استفدته في قوله: أودَى، وليس قوله سبحانه:(ثمَّ بدا لهمْ) كذلك، لأنَّ البداءَ والبدوَ قد صارا بمنزلة المذهبِ، في قولك: ذهبَ به مذهبٌ، وسلكَ به مسلكٌ.
فإن قلت: فلمَ لا تجعلُ فاعلَ أودى ذكراً يعودُ إلى ما في قوله: مهما لي الليلة؟
فإن ذلك أيضاً ليس بالقويِّ، لأنَّ المعنى يصيرُ كأنه: أودى شيءٌ بنعليَّ، فإذا جعلتَ الباءَ لاحقةً للفاعل، كان أشبه.