وفي سورة (الهاكم التكاثر) قوله تعالى: {لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين}.
أما الرؤية الأولى: فهي - والله أعلم - ورود المتقين عليها، الذي يكون معه النجاة منها، وأما الرؤية الثانية: فهي ورود الظالمين عليها، وسقوطهم فيها. وربما كانت الرؤية الأولى قبل الحساب، حين تبرز الجحيم فيراها الناس كما قدمنا.
الإيمان باليوم الآخر
[الجنة وجهنم]
أوصاف الجنة التي وردت في القرآن، كقوله تعالى:{تجري من تحتها الأنهار}، وان أهلها يُحَلّون فيها من أساور من ذهب، ولؤلؤا، وان لباسهم فيها حرير، وان فيها أنهارا من لبن، وأنهارا من خمر، وأنهارا من عسل، وان فيها الحور العين، والغلمان.
كل ذلك جاء على وجه التقريب إلى الافهام، لأن اللغات البشرية موضوعة في الأصل للتعبير عن الأشياء الأرضية، ومن المحقق أن أنهار الجنة ليست كأنهار الدنيا، ولا لبنها وعسلها وخمرها، كخمر الدنيا وعسلها ولبنها، ولا حورها كنساء الأرض، ولا غلمانها كغلمانها، ولو رجعنا إلى المقدمات التي قدمناها في أول هذا الكتاب، وهي (قواعد العقائد) لذكرنا ان الخيال البشري يعجز عن الاحاطة بها، أو تمثل حقيقتها.
والذين فصلوا في وصفها من المفسرين، لم يستندوا في ذلك إلى دليل، وكان منتهى جهدهم ان قاسوا الآخرة على الدنيا، كما قاس المتكلمون عدالة الله وصفاته، على ما عرفوا من الصفات البشرية، والعدالة البشرية، فتخبطوا في متاهات وضلالات، كان ينجيهم منها، ويبعدهم عنها، أن يقفوا عند حدود النصوص، وأن يسلكوا مسلك السلف، وان يقروا بعجز العقل عن ادراكها، والخيال عن تمثيلها.
ومن هذه المباحث السقيمة، والمجادلات العقيمة، ما قالوه عن الحور العين، وهل الاستمتاع بهن كالاستمتاع بنساء الدنيا، ونسوا أن هذه المتعة