للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان باليوم الآخر

[وصف الجنة]

أما سعتها فان عرضها عرض السماوات والأرض، ولا تعجبوا من هذا فان الآخرة بالنسبة لهذه الدنيا، كهذه الدنيا بالنسبة لبطن الأم، أما يرى الجنين بطن الأم دنياه كلها، أو ليست دار واحدة من دور الدنيا، أوسع من دنيا الجنين بملايين المرات؟

هذه الجنة (أعدت للمتقين)، ومن هم المتقون الذين أعدت لهم؟ وماذا كانوا يصنعون؟ لعلنا نصنع مثلهم فنكون معهم، لقد بيّن الله ان المتقين هم:

{الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس .. والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم}.

هذه بعض صفات المتقين، فمن اتصف بها بعد تصحيح العقيدة، وصدق التوحيد، أدخله الله بكرمه ومنّه، هذه الجنة التي أعدّها لهم.

والجنة درجات: ففيها جنة النعيم وهي أبعد من أن ينالها كل واحد: {أيطمع كل امرئٍ منهم أن يدخل جنة نعيم}.

وهي للسابقين السابقين. {أولئك المقربون في جنات النعيم}.

وفيها الجنة التي سماها الله (الغرفة)، ووعد بها عباد الرحمن، الذين وصفهم في سورة الفرقان بأنهم الذين يجمعون صحة الاعتقاد، واستقامة السلوك، وكثرة العباد، وعلو الأخلاق فدل ذلك على ان (الغرفة) درجة عالية في الجنة، خص بها هؤلاء الذين جمعوا صفات الكمال، وصبروا على مشقة القيام بها، وصرف النفس عن رغبتها في التملص منها.

وبين ربنا في الجنة: {جناتٌ معروشاتٌ وغير معروشات}.

وإن فيها مكانا اسمه: (جنة المأوى)، ومكانا اسمه: (جنات عدن)، ولمن خاف مقام ربه جنتان لا جنة واحدة، وان فيها ما دعاه بـ (عليين). فدل ذلك على أن نعيمها درجات، وأهلها منازل.

<<  <   >  >>