للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التحريم والتحليل، الذي يترتب عليه الثواب والعقاب لله وحده، وليس لاحد أن يقول برأيه، هذا حلال وهذا حرام. وليس لأحد أن يوجب أمراً لم يوجبه الله، أو يحرم أمراً لم يحرمه الله، ومن أعطى حق التحليل والتحريم لغير الله، يكون قد عبده من دونه، أو شاركه معه في عبادته (١).

توحيد الألوهية

[حب الله وخشية الله]

الانسان يحب ويكره، يحب الطعام اللذيذ، ويحب المنظر الجميل، ويحب الرجل المرأة، وقد يبالغ في هذا الحب (أي: العشق)، فيفيض عليه - كما قدمنا - بعض مظاهر العبادة، ولكنه يبقى مع ذلك مقيدا محدودا ككل، حب بشري.

فنحن نحب المنفعة التي ننالها من الشيء الذي نحبه، أو اللذة التي نحس بها بقرب الشخص الذي نعشقه، فاذا أصيب المحبوب بمرض مشوه تتساقط منه الجوارح، ويذهب معه الجمال، او فسد الطعام وركبه العفن، أو تبدل المنظر وذهب منه الجمال، انتهى هذا الحب، بل ربما تحول إلى كره.

أما حب الله الذي يحسه المؤمن فهو حب مطلق غير مقيد ولا محدود، بل ان ما نحبه في الدنيا، انما نحب فيه الخالق الذي خلقه وأوجده، وسخره لنا وأقدرنا على الانتفاع به، او التلذذ بمرآه أو ملمسه.

والانسان يخشى كثيرا من المخلوقات، يخشى النار المشتعلة، والوحش المفترس، والسم المميت، والظالم القوي. ولكنها خشية محدودة مقيدة، هي البعد عن الضرر الكامن في المخوف، او الناشئ عنه. فاذا أمن الضرر ذهب من نفسه الخوف، أما خوف الله فمطلق غير مقيد ولا محدود.

وحب الله والخشية منه، هما من أسس التوحيد، وهما روح العبادة. ولا


(١) ولو ان مسلما شرب الخمر وهو معتقد حرمتها معترف بذنبه، وآخر ادعى ان شراب الليمون - مثلا - حرام، لكان ذنب من حرم الحلال بلا دليل، أكبر من ذنب من ارتكب الحرام بلا انكار لحرمته. ولقد قرن ذلك في القرآن بالشرك: ? وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء ?.

<<  <   >  >>