ويحاربوا دعوته، فان اطمأنوا لدعوتنا ودخلوا في ديننا صاروا منا لهم ما لنا وعليهم ما علينا وان سالموا دعوتنا، سالمناهم وحفظنا لهم حقوقهم وان بقوا على دينهم.
فالمؤمن يحب اذا أحب للدين، ويبغض اذا أبغض للدين. فاذا أحب تجلى فيه كرم النفس ورقة الطبع، وبدا منه التسامح والبذل، يذل لأخيه ولا يرى ذلك ذلا، ويؤثره على نفسه بالشيء ولو كانت به حاجة اليه. واذا أبغض ظهر منه الغضب لله، والشدة في الدفاع عن دينه، والبأس في قتال أعدائه، فهو يجمع بين اللين والشدة، والرقة والغلظة. اللين والرقة لاخوانه في الايمان والشدة والغلظة على أعداء الدين أنصار الشيطان.
{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ... اذلةٍ على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم (١) ... }.
هذه حال المؤمنين، لما كانوا من المجاهدين، فلما تركنا الجهاد، وخالفنا الشرع، وصارت شدتنا على أنفسنا، وليننا أمام أعدائنا، سلط الله علينا بذنوبنا من لا يخافه ولا يرحمنا، فملك بلادنا، وتحكم فينا.
ثمرات الايمان
[التوبة والاستغفار]
خلق الله الانسان وغرز في نفسه حب العاجلة، وطول الأمل، والرغبة في جمع المال، والشهوة لمقاربة النساء، والغضب، والميل إلى البطش والانتقام، وسلط عليه الشيطان يزين له الفواحش، ويحبب اليه المعاصي، ووضع فيه نفسا امارة بالسوء، متشهية للحرام، تعين عليه الشيطان، فكان من نتائج ذلك أنه يأتي المعاصي، ويرتكب الذنوب، فماذا يصنع لينجو من عقاب المعصية وتبعات الذنب؟
إن الله من رحمته به فتح له باب التوبة. قال له: انك تستطيع أن تمحو
(١) وإلى جانب هذا الجهاد لا ينسون قوله تعالى: ? لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ?.