الايمان بالملائكة والرسل والكتب من أسس العقائد، التي لا يكون الانسان مؤمنا الا بها. والملائكة رسل الله إلى الأنبياء، والأنبياء رسل الله إلى الناس، والكتب هي الرسالة التي حملها الملك إلى الرسول، ونقلها الرسول إلى الناس.
[الوحي وامكانه ولزومه]
الوحي ممكن عقلا، لأن الله قادر على خلق الملائكة، واصطفاء الرسل. وشرع الاحكام، لا يمنع العقل ذلك، بعد ان آمن بوجود الله، وقدرته وارادته. وهو واقع فعلا، لأن الخبر الصادق ورد به، وقد قدمنا ان الخبر الصادق طريق من طرق العلم (بمعنى اليقين)، واننا نوقن بما نصدق الخبر به، كما نوقن بما نراه ونسمعه. وهو لازم اذ لولاه لاقتصر البشر على عالم المادة وجهلوا ما وراءه، ولكانوا كالانعام والمواشي، يعيشون لدنياهم وحدها، لا يعرفون الا الطعام والنكاح، واللذائذ الجسدية، لا يتصلون بربهم، ولا يعملون لآخرتهم.
ولولاه لفقدوا السمو الخلقي، والرفعة الانسانية. ومهما أوردوا، من نظريات في علم الاخلاق ( la morale) ، وفي الأساس الذي تبنى عليه، فان الاخلاق اذا لم تبن على أساس من العقيدة، كان بناؤها على كثيب من الرمل، لان الانسان مفطور على حب نفسه، وجلب النفع لها، ودرء الأذى عنها، فلا يعمل عملا لا يكون له فيه لذة أو كسب (١).
(١) انظر كتاب الحكم " Maximes " لمؤلفه " Laroche Faucold " لاروشفوكلد.